أنت نسيح وحدك


لماذا لا ينمو الناس على فطرتهم التي خلقهم الله عز وجل عليها؟؟ كما تنمو أنواع النباتات في مغارسها ولا يحاكي أحدها الآخر؟؟؟
لماذا يسعون إلى تقليد الآخرين وإلغاء شخصياتهم أمامهم ؟؟ مع أن صحابة النبي صلى الله عليه وسلم لم يكونوا يعاملونه هكذا أبداً ؟؟


إن خروج الإنسان عن سجاياه وانفصاله عن طباعه العقلية والنفسية السليمة أمر يفسد عليه حياته ويثير الاضطراب في سلوكه..


اعلم انك نسيج وحدك..فأنت شئ فريد في هذا العالم ولا يوجد من يشبهك تمام الشبه شكلياً أو نفسياً.. وهذا من تمام قدرة الله عز وجل..


فاغبط نفسك على هذا وارض بما قسم الله تعالى لك، وابذل جهدك لتستفيد مما منحك ربك إياه من مواهب وصفات متقبلاً في الوقت ذاته علاتك وسلبياتك.


إن أكبر غلطة يرتكبها بعض الناس أنهم لا ينطلقون في تعاملهم مع الآخرين على سجاياهم ولا يصرحون بحقيقة أفكارهم,بل يحاولون أن يقولوا ما يظنون أنه يرضي هؤلاء الآخرين..


يقول أحد علماء النفس :


إننا لا نستخدم إلا جانباً يسيراً من مواردنا الجسمية والذهنية ,فالواحد منا يعيش في حدود ضيقة يصطنعها بنفسه ورغم امتلاكه لقوى كثيرة مختلفة فهو لا يفطن إليها أو يخفق في استثمارها على الوجه الصحيح...


يقول الله تعالى: 'ولكل وجهة هو موليها'، إن لهذه الآية في تفسيرها آفاقاً أكثر رحابة من القبلة والصلاة كما ذكر بعض العلماء.


ومــــن ذلك : 

اختلاف خصائص النفوس


إن لكل إنسان مذهباً في هذه الحياة بحسب ما يجد في نفسه من ميل طبيعي أو ملاءمة لخصائص ذاته.


ولا يعني ذلك أصحاب المبادئ الواضحة في السياسة أو الفلسفة ,إنما تتسع الدائرة لتشمل الناس جميعاً العاديين منهم والمميزين .


فالناس ليسوا نسخة واحدة مكررة متماثلة الشكل وهذا يقابله اختلاف آخر في ملامح النفس وتسوية الطباع وخصائص الفكر والعاطفة أي ما يمكن تسميته الملامح الباطنة ,فلكل إنسان كيانه المعنوي المميز عمن سواه.


اختلاف وجهات القلوب


إن القالب الحسي هو الوعاء لخصائص الكيان المعنوي ,فالعوامل الباطنة هي التي توجه البدن وتفرض عليه ألوان التصرفات.


للطبع أحكامه وللغرائز مطالبها وللعاطفة ميولها وللفكر منطقه وتمييزه ونقده...


وكل ذلك لا يستطيع أن يتخذ سبيله إلى ظاهر الحياة وأن يعبر عن نفسه ويكشف حقيقة مستورة بداخله إلا بواسطة الأجهزة التي يتألف منها البدن .


إذاً :


حقيقة المرء ليست بدنه الذي يؤمر فيفعل وإنما هي المزاج المعنوي الذي يجمع اتجاهات الطبع والغرائز والعاطفة والفكر في نسق أو كيان نفسي واحد يطبع صاحبه بطابعه الخاص ويرسم له في أذهان الناس شخصية مميزة عمن سواه.


وهذا الكيان هو حقيقة المرء التي تهب له وجوده المستقل والمتميز في الحياة.


الحق سبحانه وتعالى لا يريد بهذا مجرد التقرير بل يريد النص قانوناً أصيلاً لإصلاح الفرد والمجتمع...


ومن هنا نلمح النقاط التالية : 


إن لكل إنسان شخصيته المستقلة 


فإذا حافظ على هذا الاستقلال ودعم أصوله وزكى فروعه فقد مضى على سنة ربه وإلا فهو منافق ومقلد لغيره أو ربما راح يتكلف الأمور ويرائي في تصرفاته ,وبهذا يكون قد أهدر شخصيته وغيّر خلق الله وهذا من وساوس الشيطان.


إن لكل إنسان حقه في اختيار اتجاهه في الحياة


فهو حر في اختيار الوجهة التي يريدها لخدمة نفسه ومجتمعه,ويجب أن يكون هذا الاتجاه المختار من نبع فؤاده ووحي ضميره ووجدانه,فإذا حملناه على غير طبيعته فقد حملناه على الرهق وأدخلنا التشويش على عوامله النفسية المؤتلفة، وهذا أيضاً تغيير لخلق الله.


إن لكل إنسان رأيه الحر:ووجهته التي ينظر بها للأمور ولا أحد يدري على سبيل الجزم أين الحق والخير...فالنظر للحياة من زواياها المختلفة يكفل لنا الإحاطة بأوفر حظ من الصواب والخير
وفي هذا نوع من التعاون الذهني على استثارة ما في الكون من منافع حسية
ومعنوية لصالح كل من الفرد والمجتمع ولذا خلقنا الله تعالى متفاوتين في
التفكير.


وليس معنى هذا أن الإنسان حر في تنشيط مواهبه العقلية أو إهمالها وتجاهلها..لا....فإن لكل موهبة خلقها الله فينا حقاً علينا في تنشيطها واستعمالها فيما خلقت له وهذا من صميم الشكر..


أما تعطيلها فهو جحود بنعمة الله,فما قيمة المرء إن عاش بذهن كاسد وفكر معطل ؟؟ وما قيمة الأمة إن طغى هذا الحال على أفرادها ؟؟


اجعلوا الخير غايتكم في وجه تسيرون فيه فإذا تقرر الهدف كانت وحدة الأمة وإذا كان الخير هو الغاية كان الصلاح لا محالة.


من كتاب: جدد حياتك للشيخ الغزالي.

1 التعليقات:

غير معرف يقول...

رااااااائع !!

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
Powered by Blogger